بعد أن انتهى دوامنا في قسم التحقيقات اتجهتُ أنا و صديقي هوروود لنتمشى في شارع جولدن و قد تركنا السيارة في القسم لنأخذها بعد الانتهاء من نزهتنا ، و بعد ربع ساعة من المشي في الشارع توقفنا أخيراً عند أحد المطاعم فيه .. قال هوروود : " هيا يا أديسون ، فلنرى طعام هذا المطعم إن كان لذيذاً " . و هممنا بالدخول نجلس على إحدى الطاولات التي تطل على الشارع ، و بعد خمس دقائق جاءنا النادل ليرى طلبنا و قد طلبتُ شرائح اللحم بالفطر بينما طلب هوروود ضلوع ماعز مشوية .. و بعد أن وصل الطعام باشرنا بالأكل و أثناء ذلك كان يمر بائع جرائد ينادي ، إذ أوقفه هوروود بعد أنا ناداه و أخذ منه جريدة اليوم ، الثاني عشر من سبتمبر و بعد أن أحضر له النادل فنجاناً من القهوة بدأ يتصفح الجريدة ، لم يكن هناك أخباراً تلفت نظره فكان يبحث عن خبرٍ لأي شيء يتعلق بالجرائم ليبدأ مغامرة جديدة ، لكن البلدة كانت هادئة منذ حوالي شهر .. لا جرائم قتل ، لا سرقات .

رمى الجريدة على المنضدة بلا مبالاة و قال : " أتعلم يا أديسون ، ما زال ذاك الدكتور الكيميائي يأخذ عقلي بجرائمه التي ارتكبها وإني أرى بأنه يجب أن أعلم السر الذي دفعه لارتكاب هذه الجرائم و ما هو وضع حياته و كيف كان .. "

قلتُ : " يا هوروود ، إن سباستيان الآن بالسجن و أظن أن نعلم سر حياته و هو بالسجن لمضيعة للوقت .. انسى أمره رجاءً و دعنا نذهب إلى مسكننا الآن "

و نحن في طريقنا للمنزل تذكرت شيئاً مهماً فطلبتُ منه أن يوقف سيارته لأنزل أقضي الشيء الذي تذكرته و سألني عما إذا كنت أحتاج المساعدة ، شكرته و هممت لوحدي بالطريق .. و بعد مضي ساعة من الوقت وصلت المسكن أخيراً و فتحتُ الباب

قائلين : ' يوم ميلاد سعيد هوروود ' .

و وضعتُ الجاتوه الذي اشتريته على النضد في بداية الأمر دهش هوروود ثم قال : " أوه ياللهول ! لقد نسيت أن اليوم الثاني عشر من سبتمبر ! "

قلتُ : " نعم ، لقد أصبح عمرك الآن خمسة و عشرون عاماً ، لا أصدق أنك تصغرني بخمس سنوات .. هه هه يبدو و أنك تكبرني بسنتين أو ثلاثة "

" حسناً أديسون ، أشكرك من أعماق قلبي صديقي العزيز لتذكرك هذه المناسبة ، لكنك لم تخبرني بعد من هذه السيدة المحترمة ؟ "

" أوه نسيت أن أعرفكما على بعضكما السيدة ميراتش هي التي ستهتم بشؤون مسكننا بعد الآن و هي من ستعد لنا ما نحتاج من طعام و شراب .. هذا السيد ستيف هوروود صديقي المقرب "

قالت : " سررت بمعرفتك سيد هوروود ، أنا سأقطن في المسكن المقابل لكم مباشرة "

قال هوروود : " سررت بمعرفتك أنا أيضاً .. هيا تفضلا لتناول هذا الكيك الجميل "

و بعد أن احتفلنا بيوم ميلاد صديقي و وضبت السيدة ميراتش المكان و نظفته ، اتجهت إلى مسكنها بينما جلستُ أنا و هوروود كالعادة في آخر الليل نتناقش قال : " كم طلبت السيدة أجرة خدمتها لنا ، هل اتفقتما على ذلك ؟ "

" نعم ، سأعطيها ثلاثون دولارا كل شهر "

و ما إن انهينا حديثنا و إذ بالباب يطرق ، حيث اعتقدت أنها الخادمة فقمت بفتح الباب و إذ برجلٍ طويل القامة ضخم الجسد ، أبيض البشرة يملأ الشيب لحيته أما شعره فكان شائب تماما ، يرتدي قميصاً ملون بالبرتقالي و الأصفر و بنطالاً مهترأ بعض الشيء ..

قال : " أهنا مسكن السيد ستيف هوروود ؟ "

" نعم ، هنا مسكن السيد هوروود ، تفضل يا سيدي "

و دخل الرجل العجوز و رأى هوروود حيث قال له : " إذن أنت هو السيد هوروود ، أرجو منك أن تعذرني و لكنني في أمس الحاجة إليك يا سيد هوروود فأنا أمام قضية متعبة للغاية "

برقت عينا صديقي فور سماعه لكلمة قضية و قد بدا عليه النشاط فقد جاءه ما كان يبحث عنه و بابتسامة خافتة قال للرجل : " تفضل أيها السيد بالجلوس ، يبدو لي أنك تعمل في مخبز ، صحيح ؟ "

قال الرجل بعد أن جلس : " نعم ، اعذرني لقد جئتك و ملابسي متسخة بالطحين و لكنني لم أعد أتحمل ما يحدث معي . "

" تفضل ، أخبرني ما هي قضيتك ؟ "

" أنا السيد جون ألفريدو صاحب المخبز الذي بشارع سيدار ، لقد كان هذا المخبز ملكُ جدي و بعد أن توفى أصبح المخبز لأبي فهو الوريث الوحيد لجدي و عندما توفى أبي أصبح المخبز لي أنا و أخي و قد عملنا بهذا المخبز فترة طويلة جداً ، و بعد أن هرمنا أصبح أبنائي الاثنان عاملان فيه و ابن أخي أيضاً ، قبل أسبوعان جاءني أخي و قال لي بأنه يريد بيع حصته من المخبز و عندما سألته عن السبب قال بأنه يريد أن يعيش حياة هادئة في آخر عمره ، فهو يبلغ من العمر سبعون عاماً يكبرني بخمس سنوات و أنه سيأخذ ابنه معه أيضاً و سيفتح له مشروعاً في المبلغ الذي سيقبضه ثمن حصته ، في الحقيقة انزعجتُ من هذا الأمر و لكن لم يكن بيدي حيلة فسألته عن المبلغ الذي يريده كان قد طلب خمسة آلاف دولاراً .. إن هذا لثمن باهظ في الواقع فكل ثروتي تبلغ ثمانية آلاف دولاراً و لكنني اضطررت للشراء لأنه كان سيبيعها لشخص آخر إن لم أشتري .. و قد تم البيع و أحضرتُ عاملا جديداً عوضاً عن ابن أخي خلال يومان ، ليست هنا المسألة سيد هوروود ، فمنذ بداية الأسبوع الماضي بدأتُ أواجه المتاعب و المصائب ، فقد تعطل الفرن فجأة و كلفني تصليحه مئة و خمسون دولاراً على الرغم من أن الفرن قد جددنا منذ شهر فقط و بعد يومان قمنا بشراء حمولة من القمح من التاجر الذي نتعامل معه دائما ثم نقوم بطحن القمح بأنفسنا و عندما جئنا لنطحن القمح فقد وجدنا السوس ينخر في أول كيس نفتحه و إذ أن السوس ينخر في كل الأكياس و كانت خسارتي هنا ثلاثة مئة و خمسون دولاراً فالحمولة كانت كبيرة و عندما ذهبنا لنراجع التاجر و نفهم ما الأمر لم نجده قط و كان مستودعه قد قفل بالمزاليج و إنه لحتى الآن مختفى و لا نعلم أين ذهب ، هذه المصائب كلها أصبحت تواجهني منذ أن فارق أخي شراكتي و لا أستطيع تفسير هذا سيد هوروود ، لا أعلم إن ارتكبت خطأ ما ليحدث معي هذا أم هي لعنة عائلة ألفريدو لأن الشراكة قد فُككت ؟ اعذرني سيد هوروود جئتك لمنزلك أطلب منك المساعدة لأنني في الواقع خفت أن آتي إليك في قسم التحقيقات فترفض استلام القضية أثناء ضغط عملك . "

أصغى صديقي إلى قصة الرجل العجوز باهتمام كبير و قد رُسمت على وجهه ابتسامة عريضة و أصبح شغفه كبير لحل لغز هذه القضية فقال :

" شكرا لك سيد ألفريدو على هذا الشرح و لكن مازال لدي سؤال ، هل فتح أخاك مشروعاً جديداً ؟ و لم توضح إن كان مقصد راحته هو أن يرتاح من عمل المخبز أم أنه كان يقصد أنه سيسافر لمكان ما ؟ "

" قال أنه سيذهب ليقطن في فيلا بشارع ناسو لكن بالحقيقة لا أعلم إن قام بفتح مشروعه أم لا "

شكر هوروود الرجل و أخبره بأننا سنكون غدا بشارع سيدار الساعة الرابعة عصراً و قد انصرف الرجل بعد ذلك ، نظر هوروود إلي و هو يبتسم كما أن السرور دخل قلبه لبدء مغامرة جديدة و قال : " ما رأيك بهذه القصة يا أديسون ؟ يبدو لي أنه لغزٌ جميل و سهل "

" إذن لقد كونت تحليلا ؟ "

" نعم ، فكل ما يحدث مع السيد جون من تدبير أخاه . "

صحت أقول : " كيف ذلك يا رجل ! منذ أن باع أخاه حصته غادر المنطقة فكيف للفرن أن يتعطل ؟ و ما مصلحة تاجر القمح ليبيع قمحاً قد نخره السوس؟ "

" سنعرف كل هذا قريباً و لكن هذه القضية ليست كالقضايا السابقة ، فربما نتبع أسلوباً جديداً يا أديسون ، و يالسعادتي فإنه أمرٌ ممتع .. هيا أتمنى لك أحلاماً سعيدة . "

قال هذا و قد ذهب للنوم و في الحقيقة كانت أول مرة أرى هوروود بها بهذا الشكل غريب التصرف و لا يفهم كلامه ، و في صباح اليوم التالي استيقظتُ من نومي إذن أنني لم أجده فسألت الخادمة عنه فقال بأنه خرج منذ ساعة و بعد خمس دقائق يُطرق الباب و كنت قد اعتقدت بأنه هوروود ..

" مرحبا سيد أديسون ، أنا النجار بيترو لقد كان عندي السيد هوروود قبل نصف ساعة و طلب مني القدوم لأجهز غرفة الملابس في مسكنكم . "

" أهلا بك ، تفضل .. لكن بالحقيقة لا أعلم عن أي غرفة تتحدث فكل الغرفة مفروشة هنا . "

اتجه نحو باب قبالة الأريكة التي أجلس عليها دائما و قال : " أظن هذه هي كما أوصفها لي . " في الحقيقة دهشتُ من هذا فقد كانت غرفة مهجورة و بها الكثير من الأثاث غير المهمة ، و اتجه النجار نحوها و فتح الباب حيث دهشت أكثر بأنها كانت نظيفة و لم يكن أياً من الأثاث موجود فسألت الخادمة عن هذا فقالت أنها قامت بتنظيف الغرفة في الصباح الباكر بناءً على طلب هوروود ، لم أفهم طلبات هوروود الغريبة حيث أنه لدينا غرفة ملابس في الواقع ، و بعد ان انتهى النجار من تصميمها و غادر فقد مرت ثلث ساعة و إذ بهوروود يطرق الباب و يدخل و كان معه ملابس جديد و ملابس مهترأة ..

فصحت أقول : " أوه ! ملابس تنكر ! و شوارب و شعر و لحي و نظارات ! كل هذا ! "

" نعم يا أديسون ، فمغامرتنا الجديدة تحتاج إلى هذا .. هيا تقدم و ساعدني لننتهي سريعاً و نذهب"

و بعد أن انتهينا من توضيب الغرفة قال هوروود : " نسيت إخبارك يا أديسون ، لقد ذهبت إلى السيد ألفريدو قبل الموعد و هذا لنوفر الوقت " ، و أخذ ملابس مهترأة و شارب و شعر كثيف و قال : " هيا ارتدي هذه ستذهب إلى منزل السيد ألفريدو الأخ و بطريقتك الخاصة تحاول أن تعلم كل ما هو مطلوب عنه "

" على رسلك يا هوروود ، ماذا سنعرف ؟ ماذا عرفت من ذاك السيد العجوز ؟ أخبرني التفاصيل رجاءً ! "

" حسناً ، ألفريدو الأخ اسمه فرانك ستذهب إلى حيث يقطن و ترى إن قام بفتح مشروع جديد لابنه و تحاول الاقتراب منهم و تعرف ماذا يخططون و يفعلون ، في الحقيقة السيد جون لم يدلي بأي معلومات جديدة و لهذا سيستغرق حل هذا اللغز عدة أيام"

و اتجهت إلى شارع ناسو بين ذهب صديقي إلى مخبز عائلة ألفريدو متنكراً ، و بعد مرور ساعة من الوقت وصلتُ أخيراً منزل السيد فرانك ألفريدو ، طرقتُ باب منزله ليخرج لي رجل في السبعين من عمره ذو شارب و لحية بيضاء ، أصلع و يحمل بيده عكازة لكنه لا يعتمد عليها لتسنده فقد كانت صحته جيدة و لا تحتاج للعكازة ..

سألته : " مرحباً سيدي ، أنا ادعى موريتان بينجلاسو لقد قيل لي أنك تُلبي السائلين ، فجئت أسألك باحثاً عن عمل ! "

قال لي بتكبر يعلوه : " انصرف من هنا أيها الشاب ، لا يوجد ما أهديك إياه و لا أملك عمل أو غير ذلك . "

و أقفل الباب بوجهي فسرت إلى الجهة اليمنى من البيت لأنظر من النافذة إن كان ابنه في البيت أو خارجه ، و لكنني لم أرى ابنه قط و راقبت المنزل حتى المساء عن بعد عشرة أمتار و عند حلول المساء عاد الابن ألفريدو إلى المنزل فاقتربت من المنزل بقرب النافذة لأرى لعلي أسمع ما سيقوله الابن لأباه ، و قد قمتُ بتدوين كل ما قاله لأباه و لكن مازال هناك بعض النقاط المجهولة و انتابني الفضول حول معرفتها فبقيت الليلة كاملة بالقرب من المنزل و في صباح اليوم التالي اتبعت الابن حيث يتوجه و في الحقيقة أصبتُ بصدمة و قشعريرة عندما رأيت إلى أين يذهب ذاك الابن و من يقابل !

كان الابن يذهب إلى مزرعة لا تقل عن مساحة 43 ياردة و كانت كلها مزروعة بالقمح حيث كان يتم حصده و لكن صدمتي الكبرى كانت تكمن بوجود الشاب السائل داخل تلك المزرعة حيث أنه كان صديقي هوروود ، في الحقيقة انتابني فضول حول ما يحدث و اتجهت مسرعاً إلى تلك المزرعة سائلاً عن العمل و لكن السيد ألفريدو قال بأنه قد وجد هذا السئيل ليلة أمس و لا نصيبٌ لي أن أعمل في مزرعتهم ، بينما كان السئيل يبتسم بشدة حين رآني بالمزرعة و عدتُ بعد ذلك أدراجي إلى شارع وول ستريت انتظر قدوم هوروود لأفهم ما حدث و في المساء يعود هوروود أخيراً و كان قد خلع ملابس التنكر و جلس على الأريكة مبتسماً ..

" سأصاب بالجنون هوروود ! أخبرني كيف وصلت لتلك المزرعة ؟ و لماذا ؟ و ماذا تفعل بها ؟ و ماذا فعلت مع السيد جون ؟ "

قال و هو يضحك : " أهدأ قليلاً يا أديسون ، في الحقيقة إنها قضية ممتعة و لكن مازلنا لا نملك أي دليل يدين فرانك و ابنه .. سأشرح لك بالتفصيل : لقد قال السيد جون بأنه قام بشراء قمح و وجد أن السوس ينخر به ، ليلة أمس دخلت بصفتي أسأل عن عمل و من الواضح أنه رأف بي عندما رأى ثيابي المرقوعة و وافق على ذلك و أراد التخلص من حمولة القمح هذه و طلب من أحد أبناءه أن يبحثوا عن شخص يشتري هذا القمح و إذ بالعامل الجديد الذي جاءهم بعد بيع السيد فرانك حصته يقول بأنه يعرف رجل مختص بشراء القمح الغير صالح و تكفل ببيع هذا القمح و أخذه و ذهب بالعربة به ، في الحقيقة انتابني الشك حول و شعرت أن له علاقة بالأمر فستأذنتُ العجوز و تبعتُ ذاك الشاب و إذ به يأتي إلى المزرعة التي التقينا بها اليوم و كانت صدمتي بوجود ذاك التاجر الذي باع السيد جون القمح التالف فقد عرفته حسبما وصفه لي السيد مونكي و من هنا أثارني الفضول أكثر لأفهم تفاصيل القصة و بعد مغادرة الشاب و تسليمه القمح توجهت إلى المزرعة أسأل عن العمل ، و ما اكتشفته يا أديسون هو أنه تحصل جريمة نصب كبيرة ، و لن نستطيع إثبات أي شيء على السيد ألفريدو الأكبر إلا اذا تركنا السيد جون يخسر ثروته . "

نظرت بدهشة كبيرة إلى هوروود و قلت : " أأنت جاد بما تقول ؟ "

" نعم . "

" لكنني لم أفهم يا هوروود أمر القمح التالف ! "

" يا صديقي العزيز ، بعد أن باع فرانك حصته من المخبز بقي جون يشتري القمح من التاجر نفسه و الذي هو بالأساس عاملٌ عند فرانك و من هنا باشر فرانك بالخطوة الثانية و هو وضع سوس في أكياس القمح التي سيبيعها لجون و الآن العامل الجديد الذي عند السيد جون قام بإعادة هذه البضاعة إلى صاحبها الأساسي و أظن بأن هذه البضاعة التالفة ستعود بطريقة أو بأخرى إلى جون أي البضاعة الجديدة التي سيشتريها السيد جون ستكون هي البضاعة نفسها . "

" و لكن كيف ذلك ؟ هل لديه تاجرٌ آخر يتفق معه ! "

" ربما ذاك العامل الجديد هو من سيشتري البضاعة ، و سيستمر الوضع هكذا لحين أن يُفلس السيد جون و يعرض مخبزه للبيع . "

و بالفعل قد مرت الأيام و حدث ما توقعه هوروود حيث قام السيد ألفريدو بشراء حمولة قمح جديدة أغلى ثمناً من السابقة لكنه لم يكن يعلم أنها نفس البضاعة التي تخلص منها و بالطبع قام بزيادة الكمية هذه المرة مما أدى هذا إلى إفلاسه التام و قد عُطل الفرن مجدداً مما دفع هذا السيد ألفريدو لنشر خبر في إحدى الجرائد أنه يريد بيع مخبزه بمبلغ قدره عشرة الاف دولاراً ، لم يكن السيد جون يعلم بأننا السائلان اللذان بجانبه دائماً و لهذا لم نطل عليه بصفتنا المحققان هوروود و أديسون مما جعله هذا يظن بأننا نسينا أمر القضية و قرر بيع مخبزه ، الجميل بالأمر أن هوروود كان يعمل في تلك المزرعة و أصبح يعرف كل وجه فيها ، و أخيراً .. في تمام الساعة التاسعة و النصف مساءً جاء زبوناً ليشتري المخبز مع أحد السماسرة حيث كان قد أعلم السيد جون ببرقية أنه قادم في هذا الموعد منذ الصباح و على هذا الأساس قمت بالتجهيزات حيث أن هوروود غير بتنكره قليلا هذه المرة تحسباً في حال كان المشتري هو أحد العاملين عند فرانك ألفريدو .. و قد تعرف صديقي على وجه الرجل الذي جاء للشراء الذي في الأساس هو أحد العاملين عند السيد فرانك ، و بسرعة خاطفة وضع صديقي سلاحه على رأس المشتري و خلع الشارب و اللحية الزائفة و قال : " أديسون ! اقبض على ذاك العامل بسرعة . "

لا يمكنني وصف ملامح الرجل العجوز عندما رآنا أنا و هوروود كانت ملامحه مليئة بالدهشة و الحيرة و قد احتلها السعادة ، و قمت بإلقاء القبض على العامل ، و الجميع في دهشة من أمره يسألون ما الذي يحدث !

قال هوروود : " الذي يحدث يا سيد ألفريدو أن أخاك السيد فرانك قام بعملية نصب عليك فهذا المشتري يعمل في مزرعة أخيك فرانك ، مزرعة قمح و هي التي تشترون منها القمح منذ سنوات ."

" كيف ذلك سيد هوروود ؟ هذا مستحيل ! "

" سترى بنفسك ، لقد قمت باستدعاء رجال الشرطة سيكونون هنا بعد قليل . "

و بعد أن جاءت الشرطة أخذنا العامل و المشتري و معنا السيد ألفريدو و ابناه و اتجهنا إلى تلك المزرعة و قد اقتحمناها مع المفوض روكي و قد صُدم السيد ألفريدو و ابناه عندما رأوا ذاك التاجر الذي يشترون منه القمح في تلك المزرعة جالساً مع ألفريدو ابن السيد فرانك ، و قد طلب السيد مونكي تفسير لما يحدث ، فشرح له هوروود النقاط التي ذكرتها سابقاً ثم أضاف :

" كانت هذه هي خطة أخيك عندما رأى إيراد المخبز و قام بهذه الخطة لكي تُفلس و تضطر لبيع المخبز فيرسل أحد الذين يعملون لديه ليشتريه ، و لم يعرض عليك هو بنفسه أمر الشراء لأنه ببساطة لا تعلم أن لديه مزرعة و مستودع و قال لك بأنه سيفتح مشروعاً بثمن الحصة التي باعها و فإن جاءك ليشتري المخبز سيُجلب الشكوك حول نفسه و ستتساءل من أين له عشرة الاف دولارا ليشتري و لكنه بهذه الطريقة الذكية ظن أنه لن ينكشف الأمر ، نعم في الحقيقة لم يكن لتنكشف خطته لولا تدخلنا بهذه القضية أما بالنسبة للعامل الجديد الذي استأجرته يا سيد جون فهو في الواقع عامل لدى أخاك فهو من قام بإحداث أعطاب بالفرن لتقوم بإصلاحه و تخسر نقودك كما أنني تبعته يوم طلب منك أن يتخلص من القمح التالف و كان قد أعاد القمح إلى مزرعة سيده بحيث عندما تبحث عن تاجر جديد يعيدون الكرة و يبيعون لك هذا القمح مجددا ، لعل السبب في قيام أخيك بهذا هو أن المخبز الورثة الوحيدة من أباكم و عندما تتوفى أنت و أخاك سيكون النصيب الأكبر من هذه الورثة لابنيك الاثنان بينما سيحصل ابن السيد فرانك على حصة أقل ، فأراد القيام بهذه الخطة ليصبح المخبز ورث ابنه فقط بعد مماته . ".

انتهى#

2024/04/26 · 3 مشاهدة · 3005 كلمة
Musab Hassan
نادي الروايات - 2024